Uncategorized

حوادث صلاله الى أين ؟

فضيلة المعيني

التاريخ: 03 سبتمبر 2012

لا شك أن أخبار حوادث السير التي يتعرض لها أو يتسبب فيها الإماراتيون، بغض النظر عن الأسباب والمسببات، مؤلمة بكل المقاييس، والجثامين التي تأتينا في توابيت الحزن تخلف شجنا في النفوس لفقد أشخاص ذهبوا فرحا لقضاء إجازة سعيدة، فانقلبت ألما وفجعا وتحولت بيوتهم إلى ساحات عزاء.

ملفات شرطة المرور عندنا تروي حكايات قيادة السيارة بإهمال ورعونة وعدم التقيد بالسرعات المحددة، على طرقات عصرية لا مبرر فيها لوقوع حوادث سير مميتة، فما بالنا بطرقات مزدوجة، وربما غير مضاءة تتطلب مهارة وتركيزا وانتباها أكثر.

ما يحدث في صلالة وربما غيرها، من تعرض الإماراتيين لحوادث سير تذهب فيها أرواحهم وأرواح آخرين لا ذنب لهم، سوى وجودهم
في لحظة فاصلة أمام سيارات ربما
لم يلتزم من يقودها بأبسط قواعد النظام، يبعث رسالة سلبية للغاية عن تهور بعض الإماراتيين وضربهم بالنظام عرض الحائط، في دول شقيقة تستقبلهم بحب وتفتح لهم أذرعها مرحبة، لكن ليس بالضرورة أن يظل هذا هو الحال مع تزايد حوادث السير وقتل الأبرياء في طرقات أصبحت تسكب دما وفواجع.

قطعا لن تتردد السلطات هناك في وضع ضوابط تعيد الضبط والربط والنظام إلى الطرقات، وتضع حدا لإهمال البعض، وهذا حقهم ولا لوم عليهم إن عمدوا إلى إجراءات صارمة تتخذ في حق المتهورين الذين يسيئون أدب الضيافة، ويهتكون حرمة الطرقات، ويعرضون سلامتهم وسلامة الآخرين للخطر، وينهون حياتهم وحياة غيرهم.

إيماننا بالقضاء والقدر ليس محل شك، لكن “اعقلها وتوكل على الله”، وما يحدث في صلالة هذا العام يشعرنا كإماراتيين بالحرج أمام الأشقاء وغيرهم، ويرسخ في الأذهان انطباعات سلبية عن شعب مشهود له بالالتزام والاحترام، ولا يحيد عن شعار لا يفارقه أينما كان عاملا بالمثل القائل “يا غريب كن أديب”، وهو محل ترحاب كل الأشقاء والأصدقاء، نتيجة معشر حلو، وقيم لا يتنازل عنها.

لا نريد لأفكار مغلوطة أن تتكرس عن الإماراتيين لدى الآخرين نتيجة تصرفات تبدر من البعض في الشرق أو الغرب، وسلوكيات يمارسها البعض تهدم جسورا من الحب والاحترام، وتقضي على انطباعات طيبة تسكن القلوب
طالعنا من لقب ذاته بانه كاتب عماني.. حول ما دار من فزعة شيوخ الإمارات تجاه مواطنين إماراتيين لقوا حتفهم جراء حادث
سير على طريق صلالة، ولا شك إنه موقف إنساني نبيل من شيوخنا عموما في الخليج والإمارات على ذات الخصوص.
وكما افتخر الكاتب بتلك الفزعة وثمنها، فإنني لا أشك لحظة في قدوتنا في منطقة الخليج السلطان قابوس بن سعيد الذي غير وجه عمان خلال زمن قصير ولملم شمل العمانيين تحت راية السلطنة التي غدت اليوم إشراقة نور وبناء تنموي حضاري يضرب به المثل، في وقت دول خليجية أخرى لديها مخزون نفطي ومدخول كبير من النفط والغاز، لكن ما صنع بفكر السلطان قابوس جعل من عمان دولة يشار اليها بالبنان.
إن حكمة السلطان والشعب العماني حققت ذلك التآلف الكبير في عمان الوطن الذي دخل الإسلام طوعا.ووصل بإمبراطوريته
نحو الشرق الافريقي وسطر البحارة العمانيون أروع ما سطروا بعبورهم عباب البحار بسفن لا يربطها سوى حبال، ولا يأكلون سوى التمر العماني والأسماك من أعماق البحر.
حوادث السير باتت اليوم آلة قتل لنا نحن في دول الخليج، فلا نحتاج للحروب بيننا، سوى ان تنقل لنا شركات اليابان وكوريا وبريطانيا والمانيا وأميركا قوافل من تلك المركبات، حتى تتطاير أرواحنا قبل أجسادنا على طرق “الإسفلت” التي تغري جيل تربى على طيش السرعة وكأنه يسابق الموت حتى يسبقه قبل ان تحين المشيئة الربانية إما بإعاقة مدى الحياة أو نقلنا على نعوش يلهث بنا من جاء ليحملنا على كتفه.
وبالرغم من ان حكمة القيادة الإماراتية تربت على فعل زايد طيب الله ثراه، في حب الإنسان، وأصبحت سنة يسير عليها خلفاء زايد. فليس غريبا على من تربوا ورضعوا من البداوة إلا ان يجتمعوا على الخير والشر ، الحزن والفرح.
ولكن أيضا في أرض الأجداد العمانيين سطرت أمجاد تاريخية تذكر للعمانيين وعلى رأسهم السلطان قابوس بن سعيد الذي اخمد ثورات داخلية واخرى خارجية، ولم يفرق بين مذهب وآخر، وبين قرية وآخرى أو محافظة ومنطقة.
السلطان قابوس وأنتم يا أهل عمان دوما مضرب الامثال في حب العمل، فنرى منكم العامل في محطات الوقود، وبائع السمك، وصانع الحلوى، ومربي الماشية، وصانع المراكب، والباحث عن مجد يضاف لمجد أجداده السابقين.
يا أبناء عمان كل تلك المهن لم تكن عيبا في زمن الرسول “ص”، والصحابة. فلا يغرنكم مظهر شقيق خليجي بسيارة أو كندورة وعقال أو أعزكم الله ب”نعال” أو أو أو . انتم القدوة في منهج العمل وبناء الأوطان، انتم من يخافون على عمان بارتياد تلك الأعمال، وليس إرسال طائرة لإنقاذ مصاب أو نقل ميت هي فقط من ترفع القيادات، أو تثمن الإنسان، بل حب الوطن في تقليل العمالة الوافدة، بعملكم انتم في مواقع العمل التي يترفع عنها الإماراتي أو السعودي أو الكويتي أو القطري.
تنتج الإمارات مثلا مليوني برميل من النفط يوميا وكذلك تقريبا الكويت والسعودية وأيضا قطر بغازها ونفطها، بينما بلادكم لا يزيد إنتاجها عن 810 براميل نفط، وغاز .
نعم لديكم ثروات ولكن عمان ذات مساحات شاسعة لا تقاس كبقية دول الخليج، وتعداد شعب يعتبر الثاني بعد السعودية من حيث نسبة المواطنين.
ليس كل ذلك تقليلا منكم أو عدم حب قيادتكم لكم بل انتم لديكم قائد وزنه ذهب في زمن قل فيه هكذا حاكم.
كنتم رائعون في تكاتفكم خلال إعصار جونو وفيت، وفي حفاظكم على عاداتكم وتقاليدكم وموروثاتكم في زمن باتت دولا تبحث عن هوية وتنقب عن آثار وموروث .
انتم يا شعب عمان .. مستقبل خليجنا، وقوته، وحاضره وماضيه لا تتفرقون فيشمت فيكم القاصي والداني، ولا تلتفتوا لضعاف النفوس، ولا تقفوا عند هذا سرق وآخر نهب، سيروا في طريقكم وحاربوا فسادكم بالمحافظة على مكتسباتكم، ووحدوا كلمتكم مع سلطانكم، وانشدوا نهج الشورى الإسلامي، وليس ديمقراطية الغرب.
ضعوا الحكمة أمام ناظريكم، واجعلكوا قول القيل والقال، شقوا طريقكم في عمان بإرادتكم وفكر سلطانكم، الذي تتمناه، شعوب غيركم، سلطانا وحاكما، ليبعد عنها الحروب والكروب، و”هواشة” مجالس أمة.
إذا أردتم معرفة ما يدور في بلدان غيركم من دول الخليج، اذهبوا وسترون عجبا، وستفخرون بعدها بعمان قيادة ووطنا.